ومن الالتفات الى أن سبب الاتلاف في هذه الصور صدر منه ، فيلزم الضمان ولعله الاقوى.
قال رحمهالله : أما لو فتح رأس الظرف ، فقلبته الريح أو ذاب بالشمس ، ففي الضمان تردد ، ولعل الاشبه أنه لا يضمن ، لان الريح والشمس كالمباشر ، فيبطل حكم السبب.
أقول : منشؤه : النظر الى أصالة البراءة ، ولان الريح والشمس مستقلان بالاتلاف هنا ، فينتفي الضمان عنه ، بدليل أن المباشر للتلف أولى بالضمان من ذي السبب ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١).
والالتفات الى أن المباشر هنا ضعيف ، فيبطل حكمه ، والاول أقوى.
فائدة :
قال الشيخ في المبسوط : أصل هذا الباب وما في معناه كل من فعل فعلا بيده كان الضمان عليه ، كما لو باشر القتل وان كان بسبب ، فان كان مباحا كمن حفر بئرا فوقع فيها انسان في ظلمة كان عليه الضمان ، وان حصل منه سبب وحدث بعده فعل سقط حكم السبب ، ثم ينظر في المباشر ، فما يتعلق به الضمان ضمن ، كالحافر والدافع والممسك والذابح ، وان كان مما لا يضمن فعله سقط حكمه ، كالطائر بعد وقوفه عندهم ، وقد قلنا ما عندنا فيه (٢).
قال رحمهالله : وان لم يكن مثليا ضمن قيمته يوم غصبه ، وهو اختيار الاكثر. وقال في الخلاف : يضمن أعلى القيم من حين الغصب الى حين التلف ، وهو حسن. ولا عبرة بزيادة القيمة ولا بنقصانها بعد ذلك على تردد.
__________________
(١) المبسوط ٣ / ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) المبسوط ٣ / ٩٠.