أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة الذمة ، ترك العمل بها في صورة الزامه بالقيمة يوم غصبه ، أو أعلى القيم من حين يوم الغصب الى حين التلف ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، وهو خيرة الشيخ رحمهالله في المبسوط (١).
والالتفات الى أن الغاصب مأمور برد المغصوب في كل زمان يأتي عليه وهو في يده ، واذا ثبت أنه مأمور بذلك في كل أوان وجب عليه أعلى القيم من حين الغصب الى حين الرد ، ولان الغصب عقوبة وايجاب أعلى القيم مناسب لتلك العقوبة.
قال رحمهالله : وكل جناية [ ديتها ] مقدرة في الحر ، فهي مقدرة في المملوك بحساب قيمته ، وما ليست مقدرة في الحر ففيها الحكومة. ولو قيل : يلزم الغاصب أكثر الامرين من المقدر والارش ، كان حسنا.
أقول : القول الاول للشيخ رحمهالله في المبسوط (٢) والخلاف (٣) ، واحتج عليه في الخلاف باجماع الفرقة وأخبارهم ، وأتبعه المتأخر ، ويؤيده الاصالة.
والقول الثاني للمصنف رحمهالله ، وربما كان أشبه لما فيه من تغليظ العقوبة على الغاصب.
قال رحمهالله : ولو استغرقت قيمته ، قال الشيخ رحمهالله : كان المالك مخيرا بين تسليمه وأخذ القيمة وبين امساكه ولا شيء له ، تسوية بين الغاصب في الجناية وغيره ، وفيه التردد.
أقول : ايجاب القيمة مع تسليمه إليه للاجماع ، فيبقى معمولا بها فيما عداها
__________________
(١) المبسوط ٣ / ٦٠.
(٢) المبسوط ٣ / ٦٢.
(٣) الخلاف ١ / ٦٧٢.