وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١) والخلاف (٢) ، محتجا باجماع الفرقة وأخبارهم.
والالتفات الى أن تغليظ العقوبة يقتضي الزامه بأرش الجناية مع رد المملوك الى سيده.
قال رحمهالله : ولو غصب شيئين ينقص قيمة كل واحد منهما اذا انفرد عن صاحبه كالخفين ـ الى قوله : أما لو أخذ فردا من خفين يساويان عشرة ، فتلف في يده وبقي الاخر في يد المالك ناقصا عن قيمته بسبب الانفراد ، رد قيمة التالف ان لو كان منضما الى صاحبه ، وفي ضمان ما نقص من قيمة الاخر تردد.
أقول : منشؤه : النظر الى أن أصالة براءة الذمة تنفي وجوب ذلك ، ولان سبب الضمان في هذه الصورة انما هو تلف المغصوب أو الغصب ، وهو مفقود هنا اذ المغصوب انما هو التالف دون غيره ، بخلاف ما لو غصبها معا ، وهو قوي.
والالتفات الى أن التفرقة جناية منه ، فيلزم ما نقص بها ، وهو ظاهر كلام الشيخ والمتأخر.
قال رحمهالله : ولو أغلا الزيت فنقص ضمن النقصان ، ولو أغلا عصيرا فنقص وزنه ، قال الشيخ : لا يلزمه ضمان النقيصة ، لانها نقيصة الرطوبة التي لا قيمة لها بخلاف الاولى ، وفي الفرق تردد.
أقول : اعلم أن الشيخ رحمهالله فرق في المبسوط (٣) بين المسألة الاولى وهذه بأن النار لا يفقد أجزاء الزيت ، فاذا ذهب بعض العين كان كالمتلف للزيت عينه وذاته ، فلهذا كان عليه ما نقص ، وليس كذلك العصير لان فيه ماء ، فالنار يأكل منه الماء وبعض الاجزاء ، ألا تراه يثخن ويزيد حلاوته ، فكأن الذي ذهب منه لا قيمة له ، فلهذا لم يضمن نقصان الكيل.
__________________
(١) المبسوط ٣ / ٦٤.
(٢) الخلاف ١ / ٦٧٣.
(٣) المبسوط ٣ / ٨١.