يرجع إليه ، فلم يبق الا تفسيره ، وإلا لزم التحكم المنهي عنه شرعا ، وهو اختيار الشيخ في كتابه والمتأخر.
قال رحمهالله : ولو قال : غصبتك شيئا وقال : أردت نفسك لم يقبل.
أقول : انما لم يقبل تفسير المقر لكلامه في هذه الصورة لما فيه من المنافاة لاقراره ، لان ذلك ليس بغصب في الحقيقة ، اذ الحر لا يثبت عليه يد الغاصب ، فقد فسر الغصب بما ليس بغصب ، فلاجل ذلك لم يقبل منه.
قال رحمهالله : ولو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى كان اقرارا. ولو قال : نعم لم يكن اقرارا ، وفيه تردد من حيث يستعمل الامران استعمالا ظاهرا.
أقول : منشؤه : وضع أهل اللغة « نعم » مخففة للكلام السابق نفيا أو اثباتا ، فعلى هذا لا يكون الجواب بها هنا اقرارا بل انكارا ، لانها يفيد تحقيق النفي ، وتحقيق النفي انكار بالضرورة ، اذ معناه : نعم ليس لك علي شيء.
ولهذا قيل في قوله تعالى « ألست بربكم قالوا بلى » انهم لو قالوا نعم لكفروا ، اذ معناه حينئذ نعم لست بربنا ، وهذا اختيار الشيخ رحمهالله في المبسوط (١).
والالتفات الى أن أهل العرف يستعملونها للايجاب في الحالين ، فيكون الجواب بها اقرارا ، اذ تقدير الكلام نعم لك عندي كذا ، فالشيخ رحمهالله نظر الى الحقيقة اللغوية بأنها بعد « أليس » لا يقبل الاقرار بل تحقيق النفي ، والمصنف رحمهالله رجح الحقيقة العرفية على الحقيقة اللغوية ، فحكم بافادتها الاقرار.
والحق ما قاله المصنف رحمهالله ، لان اللفظ اذا دار بين الحقيقة اللغوية والعرفية ، فالترجيح للعرفية ، اللهم الا أن يكون هناك قرينة حالية أو مقالية ، فيجب العمل بمقتضاها.
قال رحمهالله : الاستثناء من الجنس جائز ، ومن غير الجنس على تردد.
__________________
(١) المبسوط ٤ / ٢٣.