قال رحمهالله : أما لو قال : لاسكنت هذه الدار وهو ساكن بها ـ الى قوله : أما التطيب ففيه التردد ، ولعل الاشبه أنه لا يحنث بالاستدامة.
أقول : ينشأ : من النظر الى اصالتي براءة الذمة وعدم الحنث ، ترك العمل بها في صورة اللبس والركوب والسكنى والاسكان للاجماع ، ولان هذه الافعال تصح اضافتها الى المدة ، كما تصح اضافتها الى الابتداء ، فيقال : لا لبستهما شهرا لا ركبتها شهرا ، وكذلك السكنى والمساكنة فيه.
وليس كذلك التطيب ، اذ لا تصح اضافته الى المدة ، كما تصح اضافته الى الابتداء ، فلا يقال : لا تطيب شهرا ، بل انما يقال : منذ شهر فاقترفا ، ولان الشرع قد جعل استدامة اللبس كابتدائه ، ولم يجعل استدامة الطيب كابتدائه ، بدليل أنه لو أحرم لابسا فاستدامه فعليه الفدية ، كما لو ابتدأه بعد الاحرام.
ولو أحرم متطيبا فلا شيء عليه ، وان كان ممنوعا من ابتدائه حال احرامه. قال في المبسوط : وعندنا في الاحرام مثل ذلك ، غير أنه يجب عليه ازالة الطيب عنه (١). وهو اختيار الشيخ في المبسوط.
والالتفات الى أن التطيب في عرف الشرع يصح نسبته الى الاستدامة كما يصح نسبته الى الابتداء ، فيقع الحنث باستدامته.
أما المقدمة الصغرى ، فلان الشارع أوجب على المتطيب دم شاة ، سواء ابتداء الطيب في حال احرامه أو استدامته ، ولو لا أن هذا الفعل يمكن نسبته إليهما لما صح ذلك. وأما الكبرى فظاهرة مع تسليم الصغرى ، ولقائل أن يمنع الصغرى كما هو مذهب الشيخ في المبسوط.
__________________
(١) المبسوط ٦ / ٢٢٢.