واعلم أن هذا الاحتمال ذكره الشيخ في المبسوط (١) في كتاب الصوم ، وقال في كتاب النذر منه بعد ذكر هذه المسألة بلا فصل : فان فرضنا قدوم زيد مع طلوع الفجر ، لم يجب عليه قضاء أيضا ، لان عند حصول الشرط يجب عليه ، فيحتاج أن ينوي فيما بعد الصوم عما وجب عليه ، وهذا لا يصح هاهنا ، لانه قد مضى جزء من اليوم وهو بحكم المفطر.
وهذا القول يدل على أن نية الصوم لا بدّ من احضارها عند أول جزء الصيام ، أو نيتها مستمرا على حكمها ، والمشهور بين علمائنا الاول.
قال رحمهالله : لو نذر الصيام في بلد معين ، قال الشيخ : صام اين شاء ، وفيه تردد.
أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة الذمة من الوجوب ، ترك العمل بها في وجوب الصوم ، للاجماع ، ولعموم النصوص الدالة على وجوب الوفاء بالمنذور فيبقى معمولا بها فيما عداها.
والالتفات الى ان نذر الصيام في بلد معين طاعة ، فيجب الوفاء به ، ولا يجزي الصوم في غيره ، والمقدمتان ظاهرتان ، وهو ظاهر كلام المتأخر في كتاب الصوم.
ولقائل أن يمنع كون المجموع ـ أعني : الصوم وكونه في بلد معين ـ طاعة بل الطاعة انما هي الصوم فقط ، فيجوز ايقاع الصوم حينئذ في أي موضع شاء المكلف.
واعلم أن هذا المنع انما يتمشى اذا لم يكن الموضع الذي قد نذر فيه الصيام من الاماكن المشرفة. أما اذا كان من الاماكن المشرفة ، كالمسجد الحرام ومسجد النبي صلىاللهعليهوآله وما شاكلهما ، فالاقوى ايقاع الصوم في الموضع المنذور.
قال رحمهالله : ولو نذر الصلاة في مسجد معين أو مكان معين من المسجد
__________________
(١) المبسوط ١ / ٢٧٨.