تميم لم يغب لهم نجم إلّا طلع آخر، وانهم لم يسبغوا بوغم في جاهلية ولا إسلام، وأن لهم بنا رحماً ماسة، وقرابة خاصة، نحن مأجورون على صلتها، ومأزورون على قطيعتها، وكان من شيعة علي عليه السلام من بني تميم حارثة بن قدامة أحد أشرافهم (١).
أما دور بني سعد في تثبيت جذور التشيع في البصرة فهو واضح من خلال زعيمهم الأحنف بن قيس، وان بني سعد لم تقاتل عليّاً عليه السلام يوم الجمل؛ إذ بعث الأحنف إلى الإمام عليّ عليه السلام: إنْ شئت أتيتك في مائتي فارس فكنت معك وان شئت اعتزلت ببني سعد فكففت عنك ستة الآف سيف، فاختار علي عليه السلام اعتزاله، وقد أرسلت عائشة إلى الأحنف تدعوه لنصرتها في حرب الجمل فأبى، واعتزل بالحلجاء من البصرة في فرسخين وهو في ستة آلاف.
فكان موقف شيعة البصرة واضحاً من قدوم عائشة، كما عبّر عنه أبو الأسود الدؤلي (رضي الله عنه) لما بعثه عثمان بن حنيف وهو يومئذٍ عامل الإمام عليّ عليه السلام على البصرة إلى عائشة، لما انتهت إلى مقر أبي موسى قريباً من البصرة ليعلم له علمهم فجاء أبو الأسود الدؤلي حتّى دخل على عائشة فسألها عن مسيرها، فقالت: أطلب بدم عثمان.
قال: إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد.
قالت صدقت، لكنهم مع عليّ بن أبي طالب بالمدينة، وجئت استنهض أهل البصرة لقتاله، انغضب لكم من سوط عثمان، ولا نغضب لعثمان من سيوفكم؟
فقال لها: ما أنت من السوط والسيف إنما أنت حبيس رسول الله،
______________________
(١) بحار الأنوار: ج٣٣ ص٤٩٢.