المتطرفة لم تصادف إسناداً ولا استحساناً من جانب سفراء الملک الذي کانوا يدرکون جيداً بأن السلطان لن يتسامح أبداً تجاه مثل هذا الخرق الفاضح لسيادته. أما تدخل الدبلوماسية الفرنسية شبه الرسمي في العلاقات بين السلطان و «رعيته» الکاثوليکية فلم يکن يثير رداً عدائياً من جانب الأتراک بسبب من أن الباب العالي کان ينظر إلى سفراء فرنسا على أنهم ممثلون لدولة صديقة وحليفة.
أما فيما يتعلق باتخاذ الدول الأوروبية الأخرى دور المدافع عن الشعوب المسيحية في الدولة العثمانية فقد کان على تلک الدول أن تهتم أولاً بتحرير نفسها من وصاية فرنسا. وذلک أمر استطاعت أنجلترا أن تحققه في ١٥٨١ وهولندا في ١٦١٢ والنمسا في ١٦١٥ عندما حصلت هذه الدول على الحق في أن تتاجر بحرية تحت علمها الخاص غير أنها لم تستطع مع ذلک أن تصل إلى درجة التساوي مع فرنسا في ما يتعلق بحقوق الحماية الدينية بسبب من أن الدولتين البروتستانتيتين أنجلترا وهولندا لم يکن لديهما من تحميانه في الدولة العثمانية نظراً لأنه لم يکن يوجد آنذاک بروتستانت بين رعايا السلطان المسيحين. أما النمسا وهي الدولة الکاتوليکية فرغم أنها احتفظت بحقها في حماية الکاثوليک. ورجال الدين الکاثوليک في جميع المعاهدات التي عقدتها مع الباب العالي اعتباراً من معاهدة کارلوفتس في ١٦٩٩ إلا أنها لم تتمکن من الاستفادة من هذه الحقوق لأنها کانت في حالة حرب لم تتوقف تقريباً مع الدولة العثمانية. إن روسيا التي أصبحت منذ زمن معاهدة کجک کينارجة في ١٧٧٤ حامية الرعاية الأرثوذکس رسمياً هي وحدها التي استطاعت أن تحتل وضعاً مشابهاً لفرنسا في قضية الحماية الدينية خصوصاً بعد أن انشغلت فرنسا کلياً بالعثمانيين الکاثوليک.