يقوم الإمام بمكّة، وقارؤكم أقرأ النّاس، وزاهدكم أزهد النّاس، وعابدكم أعبد النّاس، وتاجركم أتجر النّاس وأصدقهم في تجارته، ومتصدقكم أكرم النّاس صدقه وغنيّكم أشد النّاس بذلاً وتواضعاً، وشريفكم أحسن النّاس خلقاً، وأنتم أكرم النّاس جواراً وأقلهم تكلّفاً لما لا يعنيه، وأحرصهم على الصلاة في جماعة، ثمرتكم أكثر الثمار، وأموالكم أكثر الأموال، وصغاركم أكيس الأولاد، ونساؤكم أقنع النساء وأحسنهن تبعّلاً، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم، والبحر سبباً لكثرة أموالكم، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم.....
وأقسم لكم يا أهل البصرة ما الّذي ابتدأتكم به من التوبيخ إلَّا تذكير وموعظة لما بعد لكي لا تسرعوا إلى الوثوب في مثل الّذي وثبتم، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وآله: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (١).
وقال ابن المنادي: حدّثنا أبو قلابة الرقاشي، قال حدّثني محمّد بن عبّاد المهلّبي، قال سمعت صالح المرّي ينعق به غير مرّة، قال حدّثني المغيرة ابن حبيب صهر مالك بن دينار، قال: قلت لمالك بن دينار وكانت بالبصرة فتنة، لو خرجت بنا إلى بعض سواحل البحر فأقمنا هناك؟
فقال: ما كنت لأفعل ذلك بعد شيء سمعت الأحنف بن قيس يحدّث به، قال: قال لي أبو ذرّ الغفاري أين مسكنك؟ قلت: بالبصرة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
« تكون بلدة أو قرية أو مصر، يقال لها البصرة أقوم النّاس قبلة، يدفع الله عنهم ما يكرهون » (٢).
______________________
(١) بحار الأنوار: ج٣٢ ص٢٥٤ والآية: ٥٥ من سورة الذاريات.
(٢) الملاحم لابن المنادي: ص١٧٤ رقم ١١٠.