قال : فتفرق الناس عنه ، فأُتي معاوية فأخبر بذلك ، فأرسل إلى عبادة فأتاه ، فقال له معاوية : لئن كنت صحبت النبي صلىاللهعليهوآله و سمعت عنه ، لقد صحبناه و سمعنا منه.
فقال له عبادة : لقد صحبتُهُ و سمعتُ منه.
فقال له معاوية : اسكت عن هذا الحديث و لا تذكره.
فقال له : بلى و أن رغم أنف معاوية ثم قام.
فقال له معاوية : ما نجد شيئاً أبلغ فيما بيني و بين أصحاب محمّد من الصفح عنهم (١).
و لو تأنّيت في موقف ابن عبّاس في التلبية لرأيته نفس موقف أبي ذر و عبادة بن الصامت و غيرهما في رفض الأخذ بمذهب الرأي الحكوميّ ، فقد أخرج النسائي في المجتبى ، و البيهقي في السنن ، عن سعيد بن جبير : أنّ ابن عبّاس كان بعرفة ، فقال : يا سعيد ، مالي لا أسمع الناس يلبّون ؟
فقلت : يخافون معاوية.
فخرج ابن عبّاس من فسطاطه ، فقال : لبّيك اللهم لبّيك ، و إن رغم أنف معاوية ، اللهم العنهم ، فقد تركوا السنّة من بغض عليّ (٢).
وقوله في آخر : لعن الله فلاناً ، عمدوا إلى أعظم أيام الحج فمحوا زينته ، وإنما زينة الحجّ التلبية (٣).
_______________________________
(١) تاريخ دمشق ، لابن عساكر ٢٦ : ١٩٩.
(٢) سنن النسائي ( المجتبى ) ٥ : ٢٥٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ١١٣ ، الاعتصام بحبل الله المتين ١ : ٣٦٠.
(٣) مسند أحمد (١٨٧٠) كما في جامع المسانيد و السنن ٣٠ : ١٧٠.