ثبت في الصفحات السابقة أنّ نسبة الغسل إليه غير صحيحة ؛ لعدمِ إمكان الاعتماد على ما روي عن سعيد بن جبير المارّ ذكره ، و لاتّحاد الطرق الغسليّة الأربع الأخرى في زيد بن أسلم عن عطاء و هو ممن يدلّس و لاشتهار المسح عنه عند الفقهاء.
فها أنت لو لاحظت رواة الغسل لا ترى بينهم من أصحاب المدونات الذين دونوا الحديث قبل عمر بن عبدالعزيز ، و إذا ورد اسم واحد منهم في المدوّنين فهو من المدوّنين بعد عصر التدوين الحكومي ، و هو لا يخدمنا في توضيح ما نحن فيه ، لأنّ التدوين في عهد عمر بن عبدالعزيز لم يكن كالتدوين في عهد أبي بكر و عمر بن الخطّاب و عثمان بن عفّان و معاوية و المانعين له ، و نحن مع أخذنا هذه النكتة بنظر الاعتبار لم نَرَ اسم أحد من رواة الغسل ضمن المدوّنين من التابعين و تابعي التابعين ، فإنّ سليمان بن بلال (١) ـ الموجود في السند الأول ـ و عبدالله بن إدريس (٢) و محمّد بن عجلان (٣) ـ كما في سند الثالث ـ و عكرمة بن خالد (٤) و سعيد بن جبير ـ كما في السند الأخير ـ و إن كانوا من المدوّنين لكنهم من المدوّنين بعد عصر التدوين الحكومي و هو ليس محل النزاع ، و مثله حال البخاري و أبي داود و النسائي و الآخرين الذين رووا لنا الغسل عن ابن عبّاس و غيره ، فهُمْ و إن كانوا من المدوّنين لكنَّ تدوينهم جاء في العصور المتأخرة
_______________________________
(١) انظر مصادر ذلك في دراسات في الحديث النبوي ، للاعظمي ١ : ٢٦٣.
(٢) انظر مصادر ذلك في دراسات في الحديث النبوي ، للاعظمي ١ : ٢٨٩.
(٣) انظر مصادر ذلك في دراسات في الحديث النبوي ، للاعظمي ١ : ٣٠٧.
(٤) انظر مصادر ذلك في دراسات في الحديث النبوي ، للاعظمي ١ : ١٩١.