و إذا حصل ذلك فلمَ لا يأتي البخاري بخبرهم في المسح عن ابن عبّاس ؟ مع أنّهم قد أتوا بأحاديث أخرى تحتاج إلى تابع كخبر سليمان بن بلال ؟
و عليه ففي السند الأول :
١ ـ عبدالملك بن جريج ، و هو من المدوّنين ، و قد كان أوّل من جمع الحديث بمكّة المكرمة (١) ، كما ألّف كتباً عدّة حتّى أنّه لمّا قدم على أبي جعفر [ المنصور ] قال له : جمعتُ حديث ابن عبّاس ما لم يجمعه أحد ، فلم يعطه شيئاً (٢) ، و قد كانت كُتُبه تحتلّ مكاناً رفيعاً عند المحدّثين ، حتّى قال يحيى بن القطّان : كنّا نسمّي كتب ابن جريج كتب الأمانة (٣) لصحة ما فيها.
٢ ـ عمرو بن دينار ، و قد مرّ الكلام عنه ، و أنّه ما جلس عند ابن عبّاس و ما كتب عنه إلاّ واقفاً.
٣ ـ عكرمة ، مولى ابن عبّاس ، و هو من كبار تلامذة ابن عبّاس و المدوّنين عنه ، و كان ابن عبّاس يعتني به كثيراً ، حتى قال عكرمة : كان ابن عبّاس يجعل في رجلي الكبل يعلّمني القرآن و يعلّمني السنة (٤).
( وكانت عنده كتب ، فقيل أنّه نزل على عبدالله الأسوار بصنعاء ، فعدا
_______________________________
(١) ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ١ : ١٦٠ ، و ابن حجر في مقدمة فتح الباري و ابن كثير في اختصار علوم الحديث.
(٢) تاريخ بغداد ١٠ : ٤٠٠ ، شرح علل الترمذي : ٦٧.
(٣) دراسات في الحديث النبوي ١ : ٢٨٦ ، عن العلل و تاريخ بغداد ١٠ : ٤٠٤.
(٤) تاريخ الفسوي ٣ / ٥ ، تاريخ أبي زرعة كما في الدراسات للاعظمي ١ : ١١٨.