فهذا الخبر دليل على عدم مشروعية هذهِ الصلاة ، لعدم ارتضاء رسول الله صلىاللهعليهوآله الصلاة بهم حتى آخر حياته ، و كذا في عهد الخليفة الأوّل أبي بكر ، حيث لم يكن لها وجود آنذاك ، كما لم يكن لها وجود في شطر من خلافة عمر.
لكنّ الخليفة عمر بن الخطّاب فيما بعد ارتضى هذا الأمر و سعى لتشريعه بكتابته للأمصار في إتيان ذلك (١) !!
قال ابن قدامة في كتاب المغني : « و نسبت التراويح إلى عمر بن الخطّاب رضياللهعنه ، لأنّه جمع الناس على أبيّ بن كعب ، فكان يصلّيها بهم ، فروى عبدالرحمن بن عبدالقاري ، قال : خرجت مع عمر ليله في رمضان فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ، و يصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر : إنّي أرى لو جمع هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمّ عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، قال : ثمّ خرجت معه ليلة أخرى و الناس يصلّون بصلاة قارئهم ، فقال : نعمت البدعة هذه » (٢).
و هذا خطأ ، لأنّ صلاة التراويح إنما نسبت إلى عمر لأنّه أوّل من شرَّعها جماعةً و في المسجد ـ لا أنّها كانت موجودة لكنّه جمعهم على إمام واحدٍ ـ مخالفاً بذلك صريح قول النبي صلىاللهعليهوآله المتقدّم من أنّ الصلاة في المسجد جماعةً إنّما هي للمكتوبة لا لغيرها ، فإنّ خبر زيد بن ثابت و غيره يكذّب دعوى ابن قدامة هذهِ ، و يكذّبها أيضاً قول عمر نفسه : « نعمت البدعة
_______________________________
(١) انظر الكامل في التاريخ ٢ : ٤٨٩.
(٢) المغني ، لابن قدامة ١ : ٨٣٤.