الحقيقة أكثر ، إذ أخرج أحمد في مسنده عن أبي النتاج ، قال : سمعت حمران بن أبان يحدّث عن معاوية أنّه رأى ناساً يصلّون بعد العصر ، فقال : إنّكم تصلّون صلاة قد صحبنا النبيّ صلىاللهعليهوآله ما رأيناه يصليها ولقد نهى عنها ، يعني الركعتين بعد العصر (١).
و أخرج ابن حزم بسنده إلى عبدالله بن الحارث بن نوفل ، قال : صلّى بنا معاوية العصر فرأى ناساً يصلّون ، فقال : ما هذه الصلاة ؟ فقالوا : هذه فتيا عبدالله بن الزبير ، فجاء عبدالله بن الزبير مع الناس ، فقال معاوية : ما هذه الفتيا التي تفتي ؛ أن يصلّوا بعد العصر ؟ فقال ابن الزبير : حدثتني زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه صلّى بعد العصر.
فأرسل معاوية إلى عائشة ، فقالت : هذا حديث ميمونة بنت الحارث ، فأرسل إلى ميمونة رسولين ، فقالت : إنما حدّثت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يجهّز جيشاً فحبسوه حتى أرهق العصر ، فصلّى العصر ثمّ رجع فصلّى ما كان يصلّي قبلها ، قالت : و كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلى صلاة أو فعل شيئاً يحبّ أن يدوم عليه ، فقال ابن الزبير : أليس قد صلى ؟ والله لنصلّينّه !
قال علي عليهالسلام : ظهرت حجة ابن الزبير فلم يجز عليه الاعتراض (٢).
نعم ، إنّ عائشة كانت قد قالت : ما ترك رسول الله صلىاللهعليهوآله السجدتين بعد
_______________________________
(١) مسند أحمد ٤ : ١٠٠ ، ولا يفوتك أن حمران بن أبان كان يهوديّاً سُبي في عين التمر ، و كان اسمه طويدا بن أَبيِّ التمري ، و كان من أخطر اليهود على الإسلام و المسلمين.
(٢) المحلى ٢ : ٢٧٣.