العامل بآرائه ، و مدى تمسّك ابن عباس بسنة النبي صلىاللهعليهوآله بعد القرآن المجيد ، بخلاف عثمان الذي اعتذر بمثل قوله « لا أستطيع أن أردّ ما كان قبلي » أو قوله : « رأى رأيته » مع أنّه مخالف للقرآن و السنة المطهرة ، و هذا التضاد و التخالف يؤكد أصالة الوضوء المسحي عند ابن عباس الذي يتقاطع مع مؤسس الوضوء الغسلي عثمان بن عفان.
ابن عباس والحكومات سياسة وفقهاً
بعد هذه المقدمة السريعة لابدّ لنا من الوقوف على موقف ابن عبّاس من الرأي عموماً ، ومن الخليفة عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفان على وجه الخصوص ، و أنّه إلى أيّ الاتجاهين ينتمي : التعبد المحض أو الرأي و الاجتهاد ؟! و مدى تقارب موقف وفقه ابن عبّاس مع موقف و فقه عليّ بن أبي طالب أو تخالفه معه ، و هما من مدرسة واحدة !!
جاء في كنز العمال : عن إبراهيم التيمي ، أنّه قال : خلا عمر بن الخطّاب ذات يوم فجعل يحدّث نفسه ، فأرسل إلى ابن عبّاس فقال : كيف تختلف هذه الأمّة و كتابها واحد ، و نبيها واحد ، و قبلتها واحدة ؟
فقال ابن عبّاس : يا أميرالمؤمنين ! إنّا أُنزل علينا القرآن فقرأناه ، و علمنا فيما نزل ، و أنّه يكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن لا يعرفون فيمَ نزل ، فيكون لكلّ قوم رأي ، فإذا كان لكلّ قوم رأي اختلفوا ، فإذا اختلفوا اقتتلوا ، فزبره عمر و انتهره ، و انصرف ابنُ عبّاس ، ثمّ دعاه بعدُ ، فعرف الذي قال ، ثمّ قال : إيها اعِد (١).
_______________________________
(١) كنز العمال ٢ : ٣٣٣ / ح ٤١٦٧.