من مؤهلات يمكن الاستفادة منها.
و هكذا الحال بالنسبة إلى خصوص الخلافة العباسية ، فقد دعت إلى الأخذ بفقه ابن عمر مع أنّه كان مدافعاً عن الأمويّين في السابق ، و ذلك لوحدة النهج و الفكر بينهم ، و أن كان إثبات هذا المدعى يحتاج إلى مزيد بيان ليس هنا محل بحثه.
كانت هذه مؤشرات صريحة وضّحت لنا بأنّ التشريع قد امتزج بالسياسة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، و أخذ طابعاً خاصّاً ، و أن الملك و السلطان كان له أعظم التأثير في ترسيخ بعض المفاهيم و الأفكار الشائعة اليوم ، ثمّ اشتداد هذا الأمر في العصور اللاحقة.
و لو طالع الباحث في سيرة الحجّاج بن يوسف الثقفي مثلاً لعرف اتجاه الحجّاج في ترسيخ فقه الأمويين و مذهب الخليفة ، و هو يؤكّد دور السياسة في الفقه ، إذ جاء عنه أنّه أرسل إلى الشعبي ليسأله عن الفريضة في الأخت و أمّ الجد ؟
فأجابه الشعبي باختلاف خمسة من أصحاب الرسول فيها : عثمان ، زيد ، ابن مسعود ، علي ، ابن عبّاس ، ثمّ بدأ يشرح كلام ابن عبّاس ، فقال له الحجّاج : فما قال فيها أمير المؤمنين ـ يعني عثمان ـ ؟ فذكر له رأي عثمان.
فقال الحجّاج : مُرِ القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أميرالمؤمنين عثمان (١).
و مثل هذا الموقف جاء عن الحجّاج في الوضوء ، فقد خطب في
_______________________________
(١) حلية الأولياء ٤ : ٣٢٥.