فصل
( في شرح الأقوال والمذاهب في هذه المباحث والمطالب )
( أعلم ) أن الاختلاف في هذه المسألة واقع في أربعة مواضع :
( الأول ) ما يتعلق بالاعتقادية. واجتمعت الأمة على أن الأنبياء معصومون عن الكفر والبدعة إلا الفضيلية من الخروج فإنهم يجوزون الكفر على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وذلك لأن عندهم يجوز صدور الذنوب عنهم ، وكل ذنب فهو كفر عندهم ، فبهذا الطريق جوزوا صدور الكفر عنهم ، والروافض فإنهم يجوزون عليهم إظهار كلمة الكفر على سبيل التقية (١).
( الثاني ) ما يتعلق بجميع الشرائع والأحكام من اللّه تعالى ، وأجمعوا على أنه لا يجوز عليهم التحريف والخيانة في هذا الباب لا بالعمد ولا بالسهو ، وإلا لم يبق الاعتماد على شيء من الشرائع.
( الثالث ) ما يتعلق بالفتوى. وأجمعوا على أنه لا يجوز تعمد الخطأ فأما على سبيل السهو فقد اختلفوا فيه.
__________________
١ ـ قال أبو محمد بن حزم رحمه اللّه في الملل والنحل : « فذهبت طائفة الى أن الرسل صلى الله عليهم وسلم يعصون اللّه في جميع الكبائر والصغائر عمدا ، حاش الكذب في التبليغ فقط. وهذا قول الكرامية من المرجئة ، وقول ابن الطيب الباقلاني من الاشعرية ومن تبعه ، وهو قول اليهود والنصارى ، وسمعت من يحكي عن بعض الكرامية أنهم يجوزون على الرسل الكذب في التبليغ. واما هذا الباقلاني فانا رأينا في كتاب صاحبه ابي جعفر السمناني قاضي الموصل أنه كان يقول : كل ذنب دق أو جل فانه جائز على الرسل حاش الكذب في التبليغ فقط. قال : وجائز عليهم أن يكفروا.