وتحديثهم عن رسول الله ، وقوّة استدلالهم ـ انحسر وراح يتخذ مواقفَ دالة على ضعفه أمامهم ، مشيراً إلى قوة الاتجاه المعارض له ، حيث :
١ ـ إنّ عثمان ولم يرم « الناس » بالكذب أو البدعة أو الإحداث ، بل وصفهم بالتحديث ، ولم يشكّك فيهم ، وهذا اعتراف منه بأنهم متحدّثون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله غير كذّابين ولا مبتدعين ولا مُحْدِثين ، ولو كانوا كذلك لقال عنهم ما يجب القول فيهم من الكذب والبدعة وغير ذلك ، كما نسبوا هم إلى عثمان ذلك ، لا أن يتجاهل مروياتهم بقوله ( لا أدري ما هي ) ، وعثمان بقوله ذلك كشف لنا ماهيّة ومنزلة أولئك ( الناس ) إجمالاً.
٢ ـ لو كان ( الناس ) هم البادئون بالخلاف لاستعمل عثمان معهم أحد أساليب ثلاثة :
أ ـ أسلوب الردع الحاسم ، وهو ما فعله عمر بن الخطّاب مع ضبيع بن عُسل الحنظلي (١) ، وهو الأسلوب الذي استعمله عثمان على نطاق واسع مع الصحابة وفي أبسط جزئيات الأمور (٢).
______________________________
(١) وهو صحابي كان يسأل عن متشابه القرآن كالذاريات والمرسلات و النازعات ، فضربه عمر حتّى أدمى رأسه ، وضُرب مائتي سوط ، وحُمِل على قتيب ، ونفي إلى البصرة ، وحُرم عطاؤه ، ومنع الناس من مجالسته ، وصار وضيعاً بعد أن كان سيّداً. انظر : مسائل الإمام أحمد ١ : ٤٧٨ / ح ٨١ ، والإصابة ٢ : ١٩٨ ـ ١٩٩ ، وسنن الدارمي ١ : ٥٤ و ٥٥ ، ونصب الراية ٤ : ١١٨ ، والدر المنثور ٢ : ٧ ، وفتح القدير ١ : ٣١٩ ، وتاريخ دمشق ٢٣ : ٤١١.
(٢) انظر في ذلك تاريخ الطبري ٤ : ٢٥١ ، ٢٨٤ ، ٣٩٨ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٨٧ ، ١١٥ ، ١٣٧ ، ١٨١ ، المنتظم ٤ : ٣٦٠ ، البداية والنهاية ٧ : ١٧٣ ، ٢٢٤ ، انساب الاشراف ٥ : ٤٨ ، شرح النهج ٣ : ٤٧ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٤.