« مالك لا تدعنا ! (١) » ؟ مع أنّ الظروف الموضوعية والأهميّة الشرعية تقتضي استعمال القوة فيما لو كان هو صاحب الفكرة الحقة.
وهذه الوداعة نفسها أبداها عثمان في جميع وضوءاته وطروحاته فيه ، فراح يركّز الفكرة بالهدوء والاستفادة من مصطلح « أحسن الوضوء » ، ودعوته مواليه و ... كما علمت وستعلم.
كما أنّ عثمان لم يطلب النصرة من المسلمين ولا استصرخهم ، بل هم الذين استصرخ بعضُهم بعضا للقضاء على إحداثات عثمان حتّى قتلوه ، فلو أنّ « الناس المتحدثين » كانوا هم البادئين لاَندفع المسلمون ـ والرواة منهم بدافع الحرص على الدين ووضّحوا للناس الأمر ، وأسقطوا التكليف عن الخليفة وكفوه المواجهة ، كما رأينا ذلك في منع الزكاة وتصدّي الصحابة لنشر ما سمعوه من النبي صلىاللهعليهوآله في مانعي الزكاة وعقوبتهم ووجوب أدائها.
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى نرى مؤشّرات معاكسة لهذا المفروض ، تدلّنا على أن الخليفة هو البادئ بالخلاف ، وتلك المؤشرات هي :
أ ـ إنّ عثمان لم يصرّح ولا باسمِ واحد من معارضيه ، ممّا يدل على تخوّفه من أمرٍ مّا.
ب ـ مرّ عليك سابقاً أنّه لم يرمهم بالكذب والابتداع ، بل اقتصر على وصفهم بأنّهم يتحدثون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ تجاهلهم وتجاهل مرويّاتهم !!
______________________________
(١) انظر تفسير الطبري ٧ : ٤٦.