تليها » ، قال عروة : الآية ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ ) ... إلى قوله ( اللَّاعِنُونَ ) (١).
فهل إنّ الوضوء وإحسانه يستدعي كل هذا الخوف والإحجام لولا آية في كتاب الله ؟ مع أنّ عشرات الصحابة رووا هذا المضمون ـ أي استحباب إحسان الوضوء ـ عن النبي صلىاللهعليهوآله ! وسيتبين لك كيف أن الأمويين عبر أم المؤمنين عائشة وأبي هريرة استغلوا مفهوم إحسان الوضوء وربطوه بإسباغه وبقوله صلىاللهعليهوآله : ويل للأعقاب من النار ، ثمّ أرادوا له أن يفيد الغَسل لا غير ، حيث إنهم كانوا قد فسّروا الإسباغ بتثليث غسل الأعضاء ، كما فسروا جملة ( ويل للأعقاب من النار ) بغسل الأرجل.
ه ـ ضحكات وتبسّمات عثمان عند الوضوء ، فإنّه كان يضحك عندما يأتونه بماء للوضوء ويقول : ألا تسألوني ممّ أضحك ؟ ثمّ يجيب معلِّلاً تارةً بأنّه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله يتوضأ وضوءه (٢) ، وأخرى بأنّه لغفران ذنوب
______________________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٢٠٦ / ح ٦. والآية : ١٥٩ من سورة البقرة.
ومثل ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده ١ : ٦٧ بسنده عن حمران [ مولى عثمان ] ، قال : كان عثمان يغتسل كل يوم مرّة منذ أسلم ، فوضعت وضوءاً له ذات يوم للصلاة فلمّا توضّأ قال : إنّي أردتُ أن أحدّثكم بحديث سمعته من رسول الله ثم بدا لي أن لا أحدّثكموه ، فقال له الحكم بن أبي العاص : يا أمير المؤمنين ، إن كان خيرا فنأخذ به أو شرّاً فنتّقيه ، قال : فقال : فإني محدّثكم به ؛ توضّأ رسول الله هذا الوضوء ثم قال : من توضّأ هذا الوضوء فأحسَنَ الوضوء ثم قام إلى الصلاة فأتِمّ ركوعها وسجودها كفّرت عنه ما بينها وبين الصلاة الأخرى ...
(٢) اُنظر : كنز العمال ٩ : ٤٣٦ / ٢٦٨٦٣.