احتج عليها الصحابة كلٌّ بطريقته ، لكنّ عثمان لم يرتدع عنها ، كإتمام الصلاة بمنى (١) ، وكزيادته النداء الثالث في يوم الجمعة في السنة السابعة من عهده وقد كان « الناس » عابوا عليه ذلك وقالوا : بدعة (٢) ، وكتقديمه الخطبة على الصلاة في العيدين (٣) ، وغيرها ، مما يؤكد صدور الابتداع عن عثمان في بعض المسائل الفقهية ، فلا غرابة في أن يسرّي ذلك إلى مفردات ومسائل أخرى كالوضوء.
٤ ـ إنّ تصرفات عثمان وإحداثاته العملية كانت تستتبع إحداثات علمية ودينية ، يكمن وراءها الخطر على الإسلام وأحكامه ، فعدم إقامته الحدّ على الوليد بن عقبة يعني إبطال الحدود وتوعّد الشهود (٤).
ومثله تأييده لنظرة سعيد بن العاص في أن السواد بستان لقريش وبني أمية ، فإنّها تعني إبطال قانون توزيع الفيء الذي يفيئه الله على المسلمين بأسيافهم (٥).
وإعطاء فدك وخُمس أفريقية لمروان (٦) ، يعني سحق قانون الميراث إن كانت فدك للنبي صلىاللهعليهوآله ومن بعده لورثته ، أو تدمير قانون الفيء إن كانت فيئاً
______________________________
(١) اُنظر كلام ابن أبي الحديد في شرح النهج ١ : ١٩٩ ـ ٢٠٠.
(٢) أنساب الاشراف ٥ : ٣٩ ، المنتظم ٥ : ٧ ـ ٨.
(٣) فتح الباري ٢ : ٣٦١ ، نيل الأوطار ٣ : ٣٦٢ ، تاريخ الخلفاء : ١٦٤ ـ ١٦٥.
(٤) اُنظر : أنساب الأشراف ٥ : ٣٤ ، الإمامة والسياسة ١ : ٣٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٣١ / ح ٣٨.
(٥) شرح النهج ٣ : ٢١ و ٣٥ ، الكامل في التاريخ ٣ : ١٣٧ ـ ١٤١ ، تاريخ الطبري ٤ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٦) اُنظر : المعارف : ١١٢ ، وأنساب الاشراف ٥ : ٢٥ ، والإمامة والسياسة ١ : ٣٥.