فقال له الرشيد : لله أبوك ، لجاد ما حفظت ، تلك صلاة العصر وذلك وقتها عند القوم (١).
فلم يطمئن الرشيد بكلّ ما وصفه له ذلك الرجل وكل ما قاله ، حتّى إذا وصف له صلاة العصر ووقتها ، والجمع بين الصلاتين عَلِمَ صدقه وتحقّق معرفته به ، وهذا يدل على بشاعة استغلال الحكام للفقه على الأصعدة كافّة.
وأمّا الوضوء ، فقد كان الرشيد اتخذه مفردة يعرف بها الشيعة ليوقع بهم ، ومن ذلك محاولته الإيقاع بعلي بن يقطين.
فعن محمد بن الفضل ، قال : اختلفت الرواية من بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء ، أهو من الأصابع إلى الكعبين أم من الكعبين إلى الأصابع ؟
فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى بن جعفر : جعلت فداك ، إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب إليَّ بخطّك ما يكون بحسبه ، فعلت إن شاء الله.
فكتب إليه أبو الحسن : « فهمت ما ذكرتَ من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثاً وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلل شعر لحيتك ، وتغسل يديك إلى المرفقين ثلاثاً ، وتمسح رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ولا تخالف ذلك إلى غيره ».
______________________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣١٠.