معنى ذاك وهو قياس في اللغة ممنوع.
وثانيا : أن كون الاستطاعة والإطاعة راجعين بحسب المادة إلى الطوع مقابل الكره لا يستلزم وجوب جريان الاستعمال على رعاية معنى المادة الأصلية في جميع التطورات الطارئة عليها فكثير من المواد هجرت خصوصية معناها الأصلي في ما عرضها من الهيئات الاشتقاقية نظير ضرب وأضرب وقبل وأقبل وقبل وقابل واستقبل بحسب التبادر الاستعمالي.
واعتبار المادة الأصلية في البحث عن الاشتقاقات اللغوية لا يراد به إلا الاستعلام مبلغ ما يعيش المادة الأصلية بين مشتقاتها بحسب عروض تطورات الاشتقاق عليها ، أو انقضاء أمد حياتها بحسب المعنى وتبدله إلى معنى آخر لا أن يلغى حكم التطورات ويحفظ المعنى الأصلي ما جرى اللسان ، فافهم ذلك.
فالاعتبار في اللفظ بما يفيده بحسب الاستعمال الدائر الحي لا بما تفيده المادة اللغوية وقد استعمل لفظ الاستطاعة في كلامه تعالى في أزيد من أربعين موضعا ، وهو في الجميع بمعنى القدرة ، واستعمل لفظ الإطاعة فيما يقرب من سبعين موضعا وهو في الجميع بمعنى الانقياد ، واستعمل لفظ الطوع فيما استعمل وهو مقابل الكره ؛ فكيف يسوغ أن يؤخذ لفظ يستطيع بمعنى يطيع ثم يطيع بمعنى الطوع ثم يحكم بأن يستطيع في الآية بمعنى يرضى؟.
وأما حديث أجاب واستجاب فقد استعملا معا في كلامه تعالى بمعنى واحد وورد استعمال الاستجابة في موارد هي أضعاف ما استعملت فيه الإجابة فإنك تجد الاستجابة فيما يقرب من ثلاثين موضعا ، ولا تجد الإجابة في أكثر من عشرة مواضع فكيف يقاس عليها أطاع واستطاع؟.
وكونهما بمعنى واحد ليس إلا لانطباق عنايتين مختلفتين على مورد واحد فمعنى أجاب أن الجواب تجاوز عن المسئول إلى السائل ، ومعنى استجاب أن المسئول طلب من نفسه الجواب فأداه إلى السائل.
ومن هنا يظهر أن الذي فسر به الاستجابة وهو قوله : (ومعنى استجاب سئل شيئا وطلب منه أن يجيب إليه فأجاب) ليس على ما ينبغي فإن باب الاستفعال هو