وخروجه موته ، وقائل بأنه أجزاء أصلية في القلب وقائل بأنه عرض في البدن ، وقائل بأنه نفس البدن إلى غير ذلك.
وفيه أن التبادر في كلامه تعالى ممنوع ، والتدبر في الآيات المتعرضة لأمر الروح كما قدمناه يدفع جميع ما ذكروه.
وقال بعضهم : إن المراد به مطلق الروح الواقع في كلامه والسؤال إنما هو عن كونه قديما أو محدثا فأجيب بأنه يحدث عن أمره وفعله تعالى ، وفعله محدث لا قديم.
وفيه أن تعميم الروح لجميع ما وقع منه في كلامه تعالى وإن كان في محله لكن إرجاع السؤال إلى حدوث الروح وقدمه وتوجيه الجواب بما يناسبه دعوى لا دليل عليها من جهة اللفظ.
ثم إن لهم اختلافا في معنى قوله : « الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي » أهو جواب مثبت أو ترك للجواب وصرف عن السؤال على قولين ، والوجوه المتقدمة في معنى الروح مختلفة في المناسبة مع هذين القولين فالمتعين في بعضها القول الأول وفي بعضها الثاني ، وقد أشرنا إلى مفي ضمن الأقوال.
ثم إن لهم اختلافا آخر في المخاطبين بقوله : « وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً » أهم اليهود أو قريش لو كانوا هم السائلين بتعليم من اليهود أو هم النبي صلىاللهعليهوآله وغير النبي من الناس؟ والأنسب بالسياق أن يكون الخطاب متوجها إلى السائلين والكلام من تمام قول النبي صلىاللهعليهوآله ، وأن السائلين هم اليهود لأنهم كانوا معروفين يومئذ بالعلم وفي الكلام إثبات علم ما لهم دون قريش وكفار العرب وقد عبر تعالى عنهم في بعض كلامه (١) بالذين لا يعلمون.
قوله تعالى : « وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً » الكلام متصل بما قبله فإن الآية السابقة وإن كانت متعرضة لأمر مطلق الروح وهو ذو مراتب مختلفة إلا أن الذي ينطبق عليه منه بحسب سياق الآيات السابقة المسوقة في أمر القرآن هو الروح السماوي النازل على النبي صلىاللهعليهوآله الملقي إليه القرآن.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١١٨.