قوله تعالى : « وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ » إلخ هو ـ على ما يشعر به السياق ـ من تتمة الخطاب الأخير للنبي صلىاللهعليهوآله بقوله : « قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ » فهو كناية عن أنه تمت عليهم الحجة وحقت عليهم الضلالة فلا مطمع في هدايتهم.
ومحصل المعنى : خاطبهم بإعلام قطع المحاجة فإن الهداية لله تعالى لا يشاركه فيها أحد فمن هداه فهو المهتدي لا غير ومن أضله ولم يهده فلن تجد يا محمد له أولياء من دونه يهدونه والله لا يهدي هؤلاء فانقطع عنهم ولا تكلف نفسك في دعوتهم رجاء أن يؤمنوا.
ومن هنا يظهر أن قول بعضهم : إن الآية كلام مبتدأ غير داخل في حيز « قل » في غير محله.
وإنما أتى بأولياء بصيغة الجمع مع كون المفرد أبلغ وأشمل إشارة إلى أنه لو كان له ولي من دون الله لكان ذلك إما آلهتهم وهي كثيرة وإما سائر الأسباب الكونية وهي أيضا كثيرة.
وفي قوله : « وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ » إلخ التفات من التكلم بالغير إلى الغيبة فقد كان السياق سياق التكلم بالغير ولعل الوجه فيه أنه لو قيل : ومن نهد ومن نضل على التكلم بالغير أوهم تشريك الملائكة في أمر الهداية والإضلال فأوهم التناقض في قوله : « فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ » فإن الأولياء عندهم الملائكة وهم يتخذونهم آلهة ويعبدونهم.
قوله : « وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ » إلى آخر الآيتين العمى والبكم والصم جمع أعمى وأبكم وأصم ، وخبو النار وخبوها سكون لهبها ، والسعير لهب النار ، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ » إلى آخر الآية ، الكفور الجحود ، احتجاج منه تعالى على البعث بعد الموت فقد كان قولهم : « أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً » استبعادا مبنيا على إحالة أن يعود هذا البدن الدنيوي بعد تلاشيه وصيرورته عظاما ورفاتا إلى ما كان