٦٧ (سَكَراً) : شرابا مسكرا (١) ، (وَرِزْقاً حَسَناً) : فاكهة.
وقيل (٢) : السكر ما شربت ، والرزق الحسن ما أكلت.
٦٨ (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) : ألهمها (٣) ، أي : جعله في طباعها حتى صارت سبله لها مذلّلة سهلة ، فتراها تبكّر إلى الأعمال وتقسمها بينها كما يأمرها اليعسوب (٤) فبعض يعمل الشّمع ، وبعض العسل ، وبعض يبني البيوت ، وبعض يستقي الماء ويصبّه في الثّقب.
٦٩ (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) : سمّاه شرابا إذ يجيء منه الشّراب وإن كانت تجيء بالعسل بأفواهها فهو يخرج من جهة أجوافها وبطونها ويكون باطنا في فيها ؛ ولأن الاستحالة لا يكون إلّا في البطن فالنّحل تخرج العسل من البطن إلى الفم كالريق ، وخوطب بهذا الكلام أهل تهامة وضواحي كنانة
__________________
(١) فيكون هذا القول محمولا على قبل تحريم الخمر ، وقد ذكر هذا القول الفراء في معانيه : ٢ / ١٠٩ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٥ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : (١٤ / ١٣٤ ـ ١٣٦) عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد.
قال الفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٧٠ «فإن قيل : الخمر محرمة فكيف ذكرها في معرض الإنعام؟ أجابوا عنه من وجهين :
الأول : أن هذه السورة مكية ، وتحريم الخمر نزل في سورة المائدة ، فكان نزول هذه الآية في الوقت الذي كانت فيه غير محرمة.
الثاني : أنه لا حاجة إلى التزام هذا النسخ ، وذلك لأنه تعالى ذكر ما في هذه الأشياء من المنافع وخاطب المشركين بها ، والخمر من أشربتهم فهي منفعة في حقهم ، ثم إنه تعالى نبه في هذه الآية أيضا على تحريمها ، وذلك لأنه ميز بينها وبين الرزق الحسن في الذكر ، فوجب أن يكون السكر رزقا حسنا ، ولا شك أنه حسن بحسب الشهوة ، فوجب أن يقال الرجوع عن كونه حسنا بحسب الشريعة ، وهذا إنما يكون كذلك إذا كانت محرمة» اه.
(٢) نقله المؤلف ـ رحمهالله ـ في كتابه وضح البرهان : ١ / ٥٠٨ عن الحسن رحمهالله تعالى ، ونقله البغوي في تفسيره : ٣ / ٧٥ عن الشعبي.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٠٩ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٥ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٣٩ ، ومعاني الزجاج : ٣ / ٣١٠ ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٤٦٠.
(٤) اليعسوب : فحل النحل.
النهاية : ٣ / ٢٣٤ ، واللسان : ١ / ٥٩٩ (عسب).