وأمّا خط المصحف فروى عيسى (١) بن عمر أنّ عثمان ـ رضياللهعنه ـ قال : أرى فيه لحنا ستقيمه العرب بألسنتها (٢).
[٦٠ / ب] وقرأ ابن كثير (٣) : (إِنْ هذانِ) فهي ضعيفة في نفسها خفيفة / من المثقلة ، فلم تعمل فيما بعدها ، فارتفع ما بعدها على الابتداء والخبر ، ودخل اللام الخبر فرقا بينها وبين إن النافية ، أو هي بمعنى «ما» نافية واللّام في
__________________
(١) هو عيسى بن عمر الثقفي البصري ، كان صديقا ملازما لأبي عمرو بن العلاء.
وصفه الذهبي بقوله : «العلّامة ، إمام النحو ...» ، توفي عيسى بن عمر سنة ١٤٩ ه.
أخباره في طبقات النحويين للزبيدي : ٤٠ ، وسير أعلام النبلاء : ٧ / ٢٠٠ ، وتقريب التهذيب : ٤٤٠.
(٢) ذكر الفراء الرواية المنسوبة إلى أبي عمرو بن العلاء عن عثمان رضياللهعنه ، لكنه لم يصرح بذكر عثمان ، وإنما قال : «عن بعض أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ...».
معاني القرآن : ٢ / ١٨٣.
وأورد الفخر الرازي في تفسيره : ٢٢ / ٧٤ ، والقرطبي في تفسيره : ١١ / ٢١٦ ، نص الرواية التي وردت عند المؤلف هنا.
ودافع الفخر الرازي عن قراءة الجمهور ، ونقد الرواية المذكورة عن عثمان رضياللهعنه ، فقال : «إنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن ، وذلك يفضي إلى القدح في التواتر وإلى القدح في كل القرآن وأنه باطل ، وإذا ثبت ذلك وامتنع صيرورته معارضا بخبر الواحد المنقول عن بعض الصحابة.
وثانيها : أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى ، وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا ، فثبت فساد ما نقل عن عثمان وعائشة رضياللهعنهما أن فيها لحنا وغلطا.
وثالثها : قال ابن الأنباري : إن الصحابة هم الأئمة والقدوة ، فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتباع ...».
وينظر نقد هذه الرواية عن عثمان رضياللهعنه في مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمهالله (١٥ / ٢٥٠ ـ ٢٥٤).
(٣) هو عبد الله بن كثير الداري ، أحد القراء السبعة ، توفي سنة ١٢٠ ه.
ترجمته في : معرفة القراء الكبار : ١ / ٨٦ ، وغاية النهاية : ١ / ٤٤٣.
وانظر قراءته في السبعة لابن مجاهد : ٤١٩ ، وحجة القراءات : ٤٥٦ ، والتبصرة لمكي : ٢٦٠.