لسليمان بن داود عليهما السلام من اللّؤلؤ والياقوت غاص عليها الشّياطين ، حتّى استخرجوها من قعور الأبحر الصّم الّتي لا تعبر فيها السّفن ، وكان بخت نصّر غنم كلّ ذلك من بيت المقدس ، وأوردها أرض بابل واستأمر فيها دانيال ، فقال : انّ هذه الآنية طاهرة مقدّسة صُنعها للنبيّ ابن النبيّ الّذي يسجد (١) لربّه عزّ وعلا ، فلا تدنّسها بلحم الخنازير وغيرها ، فإنّ لها ربّاً سيعيدها حيث كانت ، فأطاعه واعتزل دانيال وأقصاه وجفاه.
وكانت له امرأة حكيمة نشأت في تأديب دانيال تعظه وتقول : إنّ أباك كان يستغيث بدانيال فأبى ذلك ، فعمل في كلّ عمل سوءً حتّى عجّب الأرض منه إلى الله تعالى جلّت عظمته فبينا هو في عيد إذا بكفّ ملك يكتب على الجدار ثلاثة أحرف ، ثمّ غابت الكفّ والقلم وبهتوا ، فسألوا دانيال بحقّ تأويل ذلك المكتوب ، وكان كتب : وُزن فخفّ ، ووعدنا نجز ، جمع فتفرّق. فقال :
أمّا الأوّل ـ فانّه عقلك وزن فخفّ ، فكان خفيفاً في الميزان.
والثّاني ـ وعد أن يملك ، فأنجزه اليوم.
والثّالث ـ فانّ الله تعالى كان قد جمع لك ولوالدك من قبلك ملكاً عظيماً ثمّ تفرّق اليوم ، فلا يجتمع إلى يوم القيامة.
فقال له : ثمّ ماذا ؟ قال : يعذّبك الله ، فأقبلت بعوضة تطير حتّى دخلت في إحدى منخريه فوصلت إلى دماغه وتؤذيه ، فأحبّ النّاس عنده من حمل مرزبةً فيضرب بها رأسه ، ويزداد كلّ يوم ألماً إلى أربعين ليلة حتّى مات وصار إلى النّار (٢).
٢٧٢ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن
القطّان ، حدّثنا الحسن بن عليّ السّكري (٣) ، حدّثنا ابوعبد الله محمد بن زكريّا الجوهري ، حدّثنا
جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر عليه السلام سألته عن تعبير الرّؤيا
عن دانيال
_________________________________
(١) كذا في ق ١ وفي بقيّة النّسخ : صنعها لنبيّ ابن النّبيّ يسجد. وفي البحار : صنعها النّبيّ ابن النّبيّ ليسجد.
(٢) بحار الانوار (١٤ / ٣٧٠) ، برقم : (٩).
(٣) في البحار في الموردين : الصّدوق عن السّكري ، وهو غلط والصّحيح : عن القطّان عن السّكري ، كما في النّص الحاضر.