العارف ؛ كما قال : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (١) أي العارفون بصفاته الجلاليّة والجماليّة.
وفي الحصر إشعار بأنّ الّذين لم يعرفوه كذلك لا يخافونه بحقيقة الخوف ، ولا يخشونه بمعنى الخشية ، بل الخائفون منه تعالى هم العارفون به ، فإنّهم يعرفون قهّاريّة الحقّ وسطواته فيخشون منه خشية العبد من مولاه ، والرعيّة من السلطان.
وفي «مصباح الشريعة» : الخوف رقيب القلب ، والرجاء شفيع النفس ، ومن كان بالله عارفا كان من الله خائفا ، وإليه راجيا ، وهما جناحان للإيمان يطير بهما العبد المحقّق إلى رضوان الله ، وعينا عقله يبصر بهما إلى وعد الله ووعيده ... إلى آخره.
وفي «الكافي» : من علم أنّ الله يراه ويسمع ما يقول ، ويعلم ما يعلمه من خير أو شرّ فحجره ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الّذي خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى.
ثمّ الخوف على ما ذكره بعض العارفين هو الانزعاج عن طمأنينة الأمن الّذي للنفس بمطالعة الخبر الوارد من الله تعالى على لسان رسوله بالترهّب والتهديد ، وله ثلاث درجات :
الأولى : الخوف من العقوبة المقرّرة للمعاصي ، وذلك هو خوف العامّة ، فإنّ مؤمنيهم ربّما يتركون المعاصي خوفا من النار ، والدخول في دار البوار.
الثانية : خوف المكر بأن يسلب لذّة الحضور ، وذلك خوف أرباب
__________________
(١) فاطر : ٢٨.