فيه مواعيد يشتاق به الناقصون إلى الدخول في سلسلة الأبرار ، بحسب إمكانهم من إدراك معاني الكلام في مقام الاستبصار ، وإشارات إلى مراتب الوصول بحضرة السرمد ، ولطائف كنايات عن معارج القرب إلى جناب الحقّ الصمد ، يلتذّ منها الكاملون بصفاء القلوب ؛ إذ فيها محاضرة الحبيب مع المحبوب.
كيف وقد أودع الحقّ تعالى في تلك الآيات جواهر حقائق لا يعثر عليها سوى العاشقين ، ودرر دقائق لا يطّلع عليها من عدّ المشتاقين.
كيف وبين العاشق والمعشوق إشارات لا يدركها سواهما ، وكنايات لا يفهمها من عداهما :
بين المحبّين سرّ ليس يفشيه |
|
قول ولا قلم للخلق يحكيه |
وقلت للعاشقين رموز ليس يعرفها |
|
إلّا الحبيب فإنّ العشق مرموز |
سرّ معشوق عاشقان دانند |
|
پس نه بيگانگان چه مى پرسى |
ولا يخفى أنّ ما يدركه العارفون من إشارات القرآن ، ويفهمه من عباراته لا يتحمّله الناقصون الّذين لا يدركون من القرآن إلّا ظواهره العرفيّة ، ولا يلتذّون به ، بل لو كشف عليهم نبذ من الحقائق لضلّوا عن الطريق ، ويكفّرون من هو الواقع في المقام الأعلى لعدم اطّلاعهم عن حاله ومقامه ؛ كما قال صلّى الله عليه وآله : لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله أو كفّره.
فإنّ سلمان كان عارفا بحقائق ما كان بينها وبين أبي ذرّ مناسبة حتّى يلتذّ بها ، فلو اطّلع على نبذ ممّا علمه سلمان لما كان تحمّله ، بل كان ينسبه إلى الكفر ويقتله هذا لو قلنا برجوع ضمير الفعل إلى أبي ذرّ.