وقيل : راجع إلى ما ، أي لكان علم سلمان قاتلا له لعدم استعداده لتحمّله. والأوّل أظهر. وقد قال السجّاد :
إنّي لاكثر من علمي جواهره |
|
كي لا يرى الحقّ ذو جهل فيفتتنا |
وقد تقدّم في هذا أبو حسن |
|
إلى الحسين ووصّى قبله الحسنا |
وربّ جوهر علم لو أبوح به |
|
لقيل لي أنت ممّن يعبد الوثنا |
ولاستحلّ رجال مسلمون دمي |
|
يرون أقبح ما يأتونه حسنا |
وقال عليّ عليه السلام : هاه هاه! إنّ هنا لعلما جمّا لو أصبت له حملة.
وقال : اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة ... (١) إلى آخره.
أما رأيت موسى عليه السلام كيف أنكر على الخضر عليه السلام فيما لم يحط به خبرا ؛ كما حكى الله عنهما : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) أي سرّا وحقيقة (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ) أي من ربّك (رُشْداً) أي مقاما من مقامات الحقيقة (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) لعدم المناسبة بيننا ، فإنّك من أهل الظاهر ، وإنّي من أرباب الباطن (وَكَيْفَ تَصْبِرُ) وتتحمّل وترضى (عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) من الحقائق الإلهيّة ، والحكم المكنونة ؛ إلى قوله : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي
__________________
(١) انظر : نهج البلاغة : ٥٢.