تلك الواسطة بمعنى أنّه لو لم يكن تلك الواسطة في البين لما كان صلّى الله عليه وآله محلّا للإفاضات الروحانيّة.
على أنّه يلزم أيضا أن يكون تلك الواسطة محلّا للإفاضات قبل أن يصير صلّى الله عليه وآله كذلك ، وهو بعيد جدّا بعد ما علمنا بالقطع أنّه صلّى الله عليه وآله أوّل كلّ شيء وجودا ومرتبة وإفاضة.
كيف وهو الواسطة لجميع الإفاضات من غير أن يكون شيء إلى الله أقرب منه.
كلّا كيف لا وهو في مقام لا يدركه شيء ، وفي درجة لا يكافؤه فيها شيء ، وفي محلّ كرامة ليس شيء إلّا وهو روحي وروح العالمين فداه واسطة وجوده والإفاضة إليه في مقام شهوده.
فيا سبحان الله! كيف احتاجوه إلى غيره الّذي هو في وجوده مفتقر إليه في العلم والعرفان وحقائق اليقين والإيقان ، مع أنّه صلّى الله عليه وآله في مقامه معلّم الكلّ ممّا في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت ، وهو المعلّم الأوّل الّذي اتّصل ينبوع علمه بعيون علم المبدأ الأوّل جلّ ذكره من غير واسطة وفاصل.
فالحقّ تعالى هو الّذي علّم محمّدا حقائق كلّ شيء ، وعلّم هو صلّى الله عليه وآله كلّ مستعدّ ، فهو الواسطة لعرفان كلّ شيء ، لا الملك ؛ كما زعمه بعض.
ألا ترى إلى قوله تعالى «وعلّم» أي الحقّ تعالى «آدم» أي محمّدا ، فإنّه هو الآدم الأوّل «الأسماء كلّها» أي جميع الحقائق والدقائق «ثمّ عرضهم على