الملائكة» أي الممكنات الّتي أودع فيها جواهر الحقائق «فقال» على جهة الإرشاد إلى أنّ من خلقه ما يكون أفضل منهم «أنبئوني بأسماء هؤلاء» أي أخبروني بحقائق أودعتها فيهم «إن كنتم صادقين» في دعواكم الفضيلة «قالوا سبحانك لا علم لا إلّا ما علّمتنا» أي ما أطلعتنا عليه بالواسطة «إنّك أنت العليم الحكيم» أي مبدأ فيض العلم ، وينبوع الحكمة والعرفان.
قال لمّا أخذ عليهم الإقرار بالجهل : «يا آدم» أي يا محمّد صلّى الله عليه وآله «أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبئهم بأسمائهم» أي عرّفهم محمّد حقائق التوحيد والمعرفة «قال» أي الله جلّ ذكره أو محمّد صلّى الله عليه وآله «ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السموات والأرض» أي المكنوز فيها من الحقائق والمعارف والآيات ؛ كما قال : «سنريهم آياتنا في الآفاق» إلى آخره.
وقال : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) ... (١) إلى آخره. أي من غير أن يكون مشتملا على الحكم والحقائق.
(وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٢) أي بالحكم الظاهرة في الصنع والحكم الباطنة فيه (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) بعد ما علمنا جهلهم وإقرارهم به وافتقارهم إلى واسطة الفيض من الينبوع الأكبر إليهم «اسجدوا لآدم» أي أقرّوا بمقام محمّد صلّى الله عليه وآله وأفضليّته ، واعترفوا بكرامته وفضله
__________________
(١) آل عمران : ١٩٠ ـ ١٩١.
(٢) البقرة : ٣٣.