وقيل : الكفور أبو جهل ؛ نهى النبيّ صلّى الله عليه وآله عن الصلاة وقال : لئن رأيت محمّدا يصلّي لأطأنّ عنقه.
وقيل : إنّ ذلك عامّ في كلّ عاص وفاسق وكافر من الناس ، أي لا تطع من يدعوك إلى إثم أو كفر.
أقول : فعلى هذا كلّه يكون آثما أو كفورا مفعولا به لقوله «ولا تطع».
ويحتمل أن يكون منصوبا على الحال من الفاعل المستتر ، أي لا تطع الناس حال كونك آثما أو كفورا.
السابعة : في قوله (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ...) إلى آخره ، حثّ على ذكر الحقّ في جميع الأحوال ، والصمت عن سوء المقال ، والإعراض عمّا يوجب الغفلة عن مقام الجمال ، والبعد عن مراتب الجلال ، فإنّ الذكر أصل كلّ طاعة ، كما أنّ الغفلة أصل كلّ معصية ، فيجب المواظبة على الأوّل ، والإعراض عن الثانية ، فإنّهما السببان لترقّي النفس عن حضيض البهيميّة إلى أوج الملكوتيّة ، كما أنّ الغفلة سبب لهلاك النفس وضياعها وضلالها عن سبيل الصفاء ، وبعدها عن مقام البهاء ؛ كما قال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (١).
وقال : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) ... (٢) إلى آخره.
__________________
(١) طه : ١٢٤.
(٢) الزخرف : ٣٦ ـ ٣٨.