الخطباء ، وجهلت الأولياء ، وكلّت الشعراء ، وعجزت الأدباء ، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه ، أو فضيلة من فضائله ، وأقرّت بالعجز والتقصير.
وكيف يوصف بكلّه ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شيء من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه؟! لا ، كيف ، وأنّى وهو بحيث النجم في يد المتناولين ، ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا ، وأين القول عن هذا ، وأين يوجد مثل هذا؟! أتظنّون أنّ ذلك يوجد في غير آل الرسول محمّد صلّى الله عليه وآله كذبتهم والله أنفسهم ، ومنّتهم الأباطيل ، فارتقوا مرتقا صعبا دحضا ، تزلّ عنه إلى الحضيض أقدامهم ، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة ، وآراء مضلّة ، فلم يزدادوا منه إلّا بعدا ، قاتلهم الله أنّى يؤفكون ، ولقد راموا صعبا ، وقالوا إفكا ، وضلّوا ضلالا بعيدا ، ووقعوا في الحيرة ؛ إذ تركوا الإمام عن بصيرة ، وزيّن لهم الشيطان فصدّهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين ... (١) إلى آخره.
وفي ذلك الحديث إشارات كثيرة إلى مطالب كثيرة ، يدركها المتأمّل فيه بعين البصيرة.
السادس : قيل : المراد بذكر اسم الربّ عبادة الاسم.
أقول : وهذا ممّا تشهد البديهة على بطلانه ، فإنّ الاسم عبارة عن الحروف المركّبة الدالّة على معنى.
ولا يخفى أنّ عبادة الحروف ليست عبادة للذات تعالى ، فإنّ الله تعالى
__________________
(١) انظر : عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ : ٢١٣.