المسألة المشهورة من أنّ الاسم هل هو عين المسمّى أم غيره؟ فنقول : قد اختلفوا في ذلك على قولين :
الأوّل : إنّ الاسم هو عين المسمّى ، وإلّا لزم تعدّد القدماء بالنسبة إلى أسماء الحقّ تعالى وتركيب الذات ، وقد يستدلّ عليه بقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ... (١) إلى آخره ، إذ لو لم يكن الاسم نفس المسمّى لما صحّ الأمر بالتسبيح ، لأنّه خاصّ بحضرة الحقّ لا باسمه ، وقوله : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) ... (٢) إلى آخره.
وقوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) (٣) على تفسير الأسماء بالمسمّيات ، وفيه نظر ؛ إذ لا خلاف في أنّه قد يطلق الاسم ويراد به المسمّى ؛ كما في الآيات.
وإنّما الخلاف في أنّه عينه ومرادفه بحيث كلّما اطلق صحّ إرادة المسمّى أم لا ؛ كما هو الأظهر. ألا ترى أنّه لا يقال جاء اسم زيد ، أي ذاته! نعم لو خصّ العنوان بأسماء الله كما صرّح به جماعة يتّجه الأوّل. فتأمّل.
وقد يجاب عن الأوّل أيضا بأنّ لفظ الاسم في تلك الآيات زائد للتوكيد كالكاف في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٤) والسلام في قول الشاعر : اسم السلام عليكما ... إلى آخره.
وبأنّ الخلق لمّا كانوا بحيث لا تصل أفهامهم إلى ذات الحقّ ، مع أنّ من
__________________
(١) الأعلى : ١.
(٢) يوسف : ٤٠.
(٣) البقرة : ٣١.
(٤) الشورى : ١١.