مخصوصة جرت العادة بالإقدام بها بين يدي الملوك.
وأمّا كونها بالليل أفضل فلوجوه :
الأوّل : أنّ الالتفات فيه إلى الجانب العلويّ أتمّ ، لأنّ اشتغال الحواسّ بحركات الخلق ، وأصواتهم بالنهار مانع عن الالتفات إلى الحقّ ؛ بخلاف الليل ، فإنّ الحواسّ فيه متوفّرة على العبادة ، خالية عن التعلّقات الدنيويّة.
الثاني : أنّ الخضوع والتعبّد فيه أوفى.
الثالث : أنّ العبادة في الليل أبعد من الرياء ، لأنّه مستخف عن أعين الخلق.
أقول : ويدلّ على أنّ المراد بالسجود والتسبيح هو الصلاة بعض الروايات ، ولا حاجة إلى ذكره.
ولو فسّر بظاهر القول لما كان ممنوعا ، فالمراد السجود الكامل الجامع للشرائط الظاهريّة والباطنيّة ، والتسبيح كذلك ؛ إذ الأمر بالشيء طلب الصحيح الكامل سيّما أمر العاشق معشوقه ، فإنّ العاشق لا يزال يسعى في أداء المأمور به على الوجه الأكمل المحبوب عند العاشق ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا أسامة ، عليك بالسجود ، فإنّه أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا كان ساجدا ، وما من عبد سجد لله سجدة إلّا كتب الله له بها حسنة ، ومحا عنه سيّئة ، ورفع له درجة ، وأقبل الله عليه بوجهه ، وباهى به ملائكته ... (١) إلى آخره.
وفي «مصباح الشريعة» : ما خسر والله قطّ من أتى بحقيقة السجود ولو
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٤ : ٤٧٥.