ثمّ كما أنّ الاستعداد للمقام المذكور قد يعدم للموانع ، فهل يمكن أن يوجد بعد أن كان معدوما في الأزل المعبّر عنه بـ «الذرّ» في بعض الألسنة ، أو ينقلب إلى المقام الأعلى بحدوث بعض الأسباب وانتفاء الموانع أم لا؟ قضيّة ما مرّ من أنّ الاستعداد صفة وجوديّة ، فمن شأنها العدم بعد الوجود ، والوجود بعد العدم ، وبعض فقرات الدعوات الواردة في بعض ليالي القدر وغيرها : الأوّل.
ويؤيّد الثاني ما ورد من أنّ الشقيّ شقيّ في بطن امّه ، والسعيد سعيد في بطن امّه (١).
ومن أنّ الناس لو اجتمعوا على أن يهدوا من كتب عليه الشقاوة ، أو يضلّوا من كتب عليه السعادة لم يقدروا.
أو من أنّ المكتوب عليه الشقاوة ربّما يحسبه الناس سعيدا فيموت شقيّا.
وما في دعاء القنوت لعليّ بن الحسين عليهما السلام : سيّدي! أمن أهل الشقاء خلقتني فاطيل بكائي ، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي ، سيّدي! أم لضرب المقامع خلقت أعضائي ، أم لشرب الحميم خلقت أمعائي (٢).
ونحو ذلك ممّا لا يحصى ، والجمع ممكن لمن تأمّل هنيئة ، والتفصيل عند أهل الذوق مكنون.
__________________
(١) انظر : تفسير القمّيّ ١ : ٢٢٧ وفيه : الشقيّ من شقي في بطن امّه ، والسعيد من سعد في بطن امّه.
(٢) انظر : الأمالي ، للصدوق : ٢١٩.