ومحافل البهاء البهّاء ، وعن مراتب الأخلاق ، ومحاسن الأطوار ، والفوز بمشاهدة الأنوار.
وفيه إشارة إلى أنّهم في تلك الدار لقد عذّبهم بأليم العذاب ، ولكن لسكرهم من خمور الغفلة لا يدركونه في الحال ، ولكن إذا زال الحجاب الجسمانيّ فتنبّهوا وتيقظّوا يدركون ألمه كما يدرك السكران ألم الجرح بعد الإفاقة.
وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله : (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١).
وقال : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ * وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٢) والقرآن مشحون من الآيات الدالّة على فعليّة العقاب ، وتأثير العذاب بعد رفع الحجاب ، وذلك واضح على أولي الألباب.
الثامنة : قال بعض العارفين : انظر إلى لطف صنعة الصانع الحكيم ؛ كيف خلق المولود من النطفة ، ومزجها بماء الحيض كالساقي المزارع ، وكيف جعل النطفة البيضاء علقة حمراء ، وكيف قسّم أجزاءها إلى عظام وأعصاب وعروق وأوتار ولحم.
__________________
(١) الزمر : ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) الزمر : ٤٧ ـ ٤٨.