يتصوّره المتصوّر ، ويتوهّمه المتوهّم؟
وهذا معنى ما قيل :
ليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد (١) |
وقال عليّ عليه السلام :
دواؤك فيك وما تشعر |
|
وداؤك منك وما تبصر |
أتزعم أنّك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
وأنت الكتاب المبين الّذي |
|
بأحرفه يظهر المضمر |
ولا يخفى أنّ منشأ استعداد الإنسان للفوز بتلك العوالم القدسانيّة هو النفس الناطقة المجرّدة ، فإنّ الإنسان لقد خصّ بها من الأزل دون سائر الحيوانات على المذهب الحقّ ، وبها فضّل على ما سواه من أفراد الحيوان والجماد والنبات ، وهي محرومة عنها لعدم استعدادها لها في الأزل.
ومذهب جماعة من الحكماء كالسهرورديّ أنّ جميع أجزاء العالم حيّة ناطقة حتّى البهائم والجمادات والنباتات ، فيتعلّق بها التكليف كلّ بحسب حاله ؛ كما قال : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٢) و (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٣).
قال القيصريّ في شرح الفصوص : ما قال المتأخّرون من أنّ المراد بالنطق هو إدراك الكلّيّات لا التكلّم ، مع كونه مخالفا لوضع اللغة لا يفيدهم ،
__________________
(١) قاله أبو نؤاس. انظر : الطراز : ٢٠٣.
(٢) فاطر : ٢٤.
(٣) الإسراء : ٤٤.