لأنّه موقوف على أنّ النفس الناطقة المجرّدة للإنسان فقط ، ولا دليل لهم على ذلك ، ولا شعور لهم بأنّ الحيوانات ليس لها إدراك الكلّيّات ... إلى آخره.
وقد قال أبو عليّ مثل ذلك ، بل أصرح.
وقيل : إنّ الحيوانات تشاهد ما لا يشاهده الإنسان فيمنعها ذلك عن التكلّم ، فلو أنّ إنسانا شاهد مثل ما تشاهده لما قدر على أن يتكلّم.
ويدلّ على ذلك ما قاله محيي الدين الأعرابيّ في الفصوص : لمّا أقامني الله في هذا المقام تحقّقت بحيوانيّتي تحقّقا كلّيّا وكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع ... إلى آخره.
أقول : الحقّ المستفاد من الآية الشريفة : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) (١) وغير ذلك ممّا يدلّ على شرف الإنسان هو ما ذكرناه من اختصاص الإنسان بتلك النفس دون غيره ، والآيات الدالّة على أنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمده ، مؤوّلة بتأويلات وجيهة ذكرناها في «تفسيرنا على سورة الجمعة» ويدلّ على ذلك بعض الأخبار الواردة في «الروح» وهي في «الكافي» وغيره مذكورة.
التاسعة : قد استفاد بعض العارفين من الآيتين ما تقرّر في الحكمة من أنّ لكلّ حادث مركّب خمسة مباد : العدم ، والفاعل ، والغاية ، والصورة ، والمادّة.
__________________
(١) الأعراف : ١٧٩.