الإنسان إلى معرفة حقائق الأشياء وتميّز الحقّ عن الباطل ، والطيّب عن الخبيث ، والجنّة عن الجحيم ، والكامل عن الناقص ، وغير ذلك.
وهو أفضل ما خلقه الله من الروحانيّات الساذجة ، وهو الرسول الباطنيّ من الله على خلقه ، كما يدلّ عليه بعض الأخبار المرويّة عن آل الله.
وبذلك لقد فسّر قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) أي لا نعذّب أحدا بأعماله إلّا بعد أن نعطيه العقل المميّز بين الأمور ؛ الّذي يعرف به الحسن عن القبيح ، والواجب عن المباح والمحظور ، فهو منشأ الأمر والنهي ، وعلّة التكليف ، وبه يثاب ويعاقب.
كما روي في الكافي عن أبي جعفر عليه السلام قال : لمّا خلق الله العقل استنطقه ، ثمّ قال له أقبل؟ فأقبل ، ثمّ قال له أدبر؟ فأدبر ، ثمّ قال : وعزّتي وجلالي ، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منك ، ولا أكملتك إلّا فيمن احبّ ، أما إنّي إيّاك آمر ، وإيّاك أنهى ، وإيّاك أعاقب ، وإيّاك أثيب (٢).
وفيه عن موسى بن جعفر عليه السلام قال : إنّ لله على الناس حجّتين : حجّة ظاهرة ، وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة ، وأمّا الباطنة فالعقول (٣).
وهذا معنى ما قيل : إنّ العقل هو الوصف الّذي يفارق به الإنسان سائر البهائم ، وهو المستعدّ لقبول العلوم النظريّة ، وتدبير الصناعات الفكريّة ... إلى آخره.
__________________
(١) الإسراء : ١٥.
(٢) الكافي ١ : ١٠.
(٣) الكافي ١ : ١٦.