فحاصل التفسير : إنّا أوضحنا للإنسان الطريق الصواب بمصباح العقل الصافي ، فإنّ كدّره بشوائب الأغراض النفسانيّة فقد كفر ، وإلّا فهو من الشاكرين الواصلين إلى ما هو الغرض الأصليّ المقصود لإبراز صفة الخلّاقيّة.
ومن تلك الأسباب : الأنبياء الصادقون الّذين دعو الخلق إلى الحقّ بالمعجزات الباهرات ، والآيات البيّنات ؛ لما فيهم من القوّة القدسيّة الملكوتيّة الّتي لا تصل إليها أيدي غيرهم من مراتب الخلق ، فإنّهم لقربهم من الحقّ في عالم الأزل استضاؤا من نور شمس الحقيقة أكثر ممّا استضاء منه من عداهم ، فلذا فازوا بمقام النبوّة والرسالة في ذلك العالم ، وما كان ذلك إلّا لأجل ما استعدّت له ماهيّاتهم في القديم ، فلا لأحد أن يقول لم ما جعلني الله نبيّا أو رسولا ، فإنّ الله ما جعل ذلك إلّا بعد ما كان لهم من المقام في الأوّل ، فتخصيص المقام بهؤلاء في عالم الشهود له مرجّح قطعا ، وهو الاستعداد الأزليّ في الغيب الأوّل ، وليس ذلك الاستعداد لكلّ أحد حتّى يدّعي ذلك المقام ، بل خاصّ بهؤلاء قطعا.
صد هزاران طفل سر ببريده شد |
|
تا كليم الله صاحب ديده شد |
فما اشتهر من بعض جهلة الصوفيّة من أنّ إنّه يمكن لكلّ أحد أن يفوز بمقام النبوّة والولاية بالرياضات والعبادات ؛ كما يقال :
از رياضت هركسى كامل شود |
|
وز عبادت مرد حق واصل شود |
ناش عن الجهالة والغرور ، كيف فلو عبد الله عبد بين الركن والمقام إلى ألف ألف عام ، وزكت نفسه ، وصفت عن جميع شؤونات الهوى ليس له