الدليل كنت! ولكنّ الاشتغال بالدليل بعد الوصول إلى المدلول محال.
وبعضهم العقل المعتاد الجزئيّ ، فإنّه بعد الفوز بالعقل الكلّ يستغنى عن ذلك العقل ، ولا ينبغي العمل بقضيّته.
ولا يخفى أنّ المقدّمات الموصلة وإن لم تكن في أنفسها مقصودة ، إلّا أنّه لا ينبغي الاستخفاف بها واستحقارها بعد الوصول إلى ما هو الغرض منها ، كيف وهي الأسباب الّتي لولاها لما كنت واصلا إلى المطلوب أبدا ، فيجب عليك شكرها والثناء عليها من تلك الجهة. ولنعم ما قيل :
هزار بوسه زنم هر زمان به پاى خودم |
|
براى آنكه رسانيد او به كوى توأم |
الثاني : أن تكون في نفسها ملحوظة أيضا بمعنى أنّها تكون مقصودة مع ما يترتّب عليها ، فبعد الوصول إلى الغرض الثاني لا يعرض عنها ، فإنّها الغرض الأوّل أيضا.
ألا ترى أنّه قد يشرب العسل للشفاء واللذّة ، وتحقّق الشفاء به لا يحملك على الإعراض عن شربه بعد ذلك ، لأنّ الالتذاد أيضا من الأغراض المقصودة منه.
ومن ذلك القبيل الأنبياء والأولياء فإنّ المهتدي إذا فاز بمقام القرب الإلهيّ المقصود من الهداية ليس له أن يعرض عنهم عليهم السلام فإنّ في صحبتهم والثناء عليهم لذّات مقصودة لا توجد في صحبة غيرهم أصلا ، ولا يدركها إلّا من عرفهم بحقيقة النورانيّة ، فالعارف الروحاني الصافي عن شوائب الطبيعة إذا نظر إليهم لا ينظر إلّا إلى روحانيّتهم ، فيرى مقامهم أرفع