مقاليدها إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان.
الثامنة : قيل : الشكر صرف ما أعطاه الله فيما خلق لأجله ، والكفران يقابله ، ومنه الكفور المقابل للشكور.
وقيل : المراد بالشكر الإقرار بالله ، وبالكفران إنكاره.
وقيل : المراد بالشاكر المطيع ، وبالكفور كلّ من سواه سواء كان كافرا أو عاصيا.
أقول : لا يخفى أنّ الكفر يستعمل في عدّة معان ؛ كما يستفاد من بعض الأخبار والاستعمالات على وجه الاشتراك أو الحقيقة والمجاز ، ولكن لا ريب في أنّ مقابلته بالشاكر قرينة على أنّ المراد به هو الكفران للنعمة.
ويؤيّده قوله : «إنّا هديناه» فإنّ فيه إشعارا بالامتنان والإنعام ، وتفسير الشاكر بالمقرّ والمطيع تأباه حقيقة الشكر. نعم يمكن ذلك نظرا إلى أنّ في الإقرار والإطاعة معنى الشكر على التفصيل الّذي قدّمناه. فليتأمّل.
التاسعة : في التفصيل بـ «إمّا» إشعار بالانحصار في الفرقتين وعدم الواسطة ؛ كما في قوله (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) (١) إلى آخره ، أي لا مقام بين المقامين كما لا مقام بين النور والظلمة ، والهداية والضلالة.
وما قيل من أنّ بين الإيمان والكفر مقاما وهو الإسلام لأنّ الإيمان هو الاعتقاد الباطنيّ والإسلام هو العمل الظاهريّ لا يصغى إليه ، لأنّ الإسلام من مراتب الإيمان ، فإنّ له مراتب كثيرة كما يدلّ عليه أكثر الأخبار الواردة في الباب ، أدناها مرتبة الإسلام ، فلا وجه لجعلها مقاما على حدة.
__________________
(١) هود : ١٠٥ ـ ١٠٦.