وكذا ما قيل من أنّ المستضعف ليس بكافر ، لأنّه ما جحد أمرا ، ولا بمؤمن ، لأنّه ما آمن بشيء ، فهو بين الكفر والإيمان.
وبعبارة أخرى : هو واقع في الأعراف ، وهو الواسطة بين الجنّة أي الإيمان ، والنار وهو الكفر ، فثبت الواسطة ؛ كما قال : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (١) ، والمراد هؤلاء المستضعفون ؛ لأنّ مرادنا بنفي الواسطة إنّما هو نفيها عن مقام الاستعداد ، أي النفوس مستعدّة إمّا للإيمان وإمّا للكفر ، ولا واسطة ؛ فالمستضعف من إحدى الفرقتين بعد تهيّؤ الأسباب لفعليّة استعداده وعدم الموصوفيّة الفعليّة لا يثبت الواسطة. فليتأمّل.
البارقة العاشرة : في مقابلة الكفور بالشاكر دون الشكور إشعار بقلّة أهل الشكر وكثرة أهل الكفر ؛ كما قال : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٢) وقال : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) (٣) وقال : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٤).
وروي أنّ من بين ألف واحد للجنّة والباقي للنار.
وفي رواية واحد لله والباقي للشيطان.
هذا على التفسير المشهور ، وأمّا على التفسير بأنّ المراد هديناه السبيل ثمّ جعلناه تارة شاكرا ، وتارة كفورا ، ففي المقابلة إشعار بأنّ الإنسان في حالة
__________________
(١) التوبة : ١٠٦.
(٢) سبأ : ١٣.
(٣) الحجّ : ١٨.
(٤) الحجر : ٣٩ ـ ٤٠ ، ص : ٨٢ ـ ٨٣.