الاولى : ما يكون بحسب القوّة النظريّة راسخا كالعقائد الباطلة الّتي رسخت في القلب ، وصارت ملكة لا ترفع بالحجج والبراهين التامّة. وهذا القسم هو الّذي يدوم به العذاب ، لأنّ ذلك هو الجهل المركّب المتضادّ لجوهر النفس ، فكما أنّه لا يتبدّل بالعلم لرسوخه ، كذلك الآلام المترتّبة عليه لا تزول لرسوخ سببها في النفس.
الثانية : ما يكون بالنظريّة الغير الراسخة كاعتقادات العوامّ وأصحاب التقليد ، فلهم عذاب يخصّهم بسبب أنّهم عرفوا باكتساب ما يطرأ أنّ لهم كمالا ما ، فحصل لهم شوق بحسبه ، ثمّ لم يصلوا إلى ما اشتاقوا إليه من ذلك الكمال لنقصان اكتسابهم النظريّ وقصورهم عن الوصول ، سواء كان قصورهم عن الوصول إلى الكمال لاشتغالهم بما يصرف عنهم ويضادّ طلبه ممّا لا يكتسب النفس هيئة راسخة ، أو لأنّهم تكاسلوا عن اقتناء الكمالات وأهملوها ، لكنّ ذلك العذاب دون العذاب الأوّل ، فهو منقطع ، لأنّ الهيئات الحاصلة بسبب الاشتغال بالمضادّ أو الصارف أو التكاسل حالات غير متمكّنة في نفوسهم ، ولا مستحكمة فيها ، أو لأنّها مستفادة من أفعال وأمزجة ، فيزول بزوالها لزوال الشيء بزوال سببه.
الثالثة والرابعة : ما يحصل بحسب القوّة العمليّة راسخا وغير راسخ ، والعذاب المترتّب على ذلك أيضا زائل منقطع : إمّا لعدم رسوخه ، وإمّا لكونه هيئات مستفادة من الأمزجة فيزول بزوالها ، ويختلف العذاب بها بعد المفارقة في القلّة والكثرة والشدّة والضعف.
الخامسة والسادسة : ما يحصل من نقصان غريزة العقل بالنظريّة والعمليّة