عليهالسلام حداً جعل البعض ـ حسداً ، أو حقداً ، أو جهلاً أو سياسة يتهمونه ـ والعياذ بالله ـ بالكذب ، وحديث الخرافة (١) وما ذلك إلا من أجل أن يُفهِم الناس أنه يأخذ علمه من الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله الذي اختصه بما لم يخص أحداً سواه. وذلك لأن الله سبحانه هو ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) (٢) من يرتضيه من أفراد الأمة ، ومَنْ غير الأئمة يفوز بهذا الحظ العظيم والشرف الباذخ.
والأمر الذي لابد من الإلماح إليه ولو بإيجاز هو : أنه لم يكن أهل العراق يعرفون أمير المؤمنين عليهالسلام حق معرفته ، ولا كانوا قد تربّوا على نهجه ، ولا اطلعوا على أطروحته ، وإنما عرفوا الإسلام من قبل آخرين ، ممن هم في الخط الأخر المناوئ له عليهالسلام.
وحتى معرفتهم هذه للإسلام ، فإنها كانت ظاهرية وقشرية ، وإنما تعمقت وتأصلت بفضل جهوده هو عليهالسلام ، حتى ليقول مخاطباً لهم :
« وركزت فيكم راية الإيمان ، وعرفتكم حدود الحلال والحرام » (٣).
ولأجل ذلك ، فقد كان من الطبيعي أن يشدّد عليه الصلاة والسلام كثيراً على أمر النص ، ويركّز على أن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قد اختصه بعلوم لم تكن لدى أحد من الناس غيره عليهالسلام وهي علوم الإمامة.
ولكن الملفت للنظر هو أننا نجده عليهالسلام يهتم بإظهار علومه
__________________
(١) ذكرنا نبذة عن هذا الأمر في كتاب علي عليهالسلام والخوارج.
(٢) الآيتين ٢٦ و ٢٧ من سورة الجن.
(٣) نهج البلاغة ، بشرح محمد عبده ج ١ ص ١٥٣. وراجع : ما قاله أبو أيوب الأنصاري لأهل العراق في كتاب : الإمامة والسياسة ج ١ ص ١٥٢ / ١٥٣.