وبعد ما تقدم نقول : إذا نظرنا إلى أمر الإمامة والإمام من زاوية أخرى.
فإننا نجد من جهة : أن من مهمات الإمام : تعليم وتربية الأمة ، وله وحده حق الحاكمية عليها وإدارة شؤونها ، والهيمنة على مسيرتها. والإمام هو ذلك الإنسان الحاضر ، والناظر ، والراصد لحركة الإسلام في الناس ، والشاهد على الناس في مدى استجابتهم للإسلام ، وتفاعلهم معه ، ووفائهم أو عدم وفائهم ، للحق وللدين ، والمثل العليا.
وكلّ ذلك يؤكّد على أنّ وجود الإمام في كلّ عصر وزمان يصبح ضرورة لابُدّ منها ، ولا غنى عنها ، لتحقيق الأهداف الإلهيّة ، بحصول الإنسان على السّعادة ، ووصوله إلى درجات القرب والرضى منه سبحانه وتعالى.
ومن جهة ثانية : فإنّ الأئمة حين يمارسون دورهم ، ويقومون بأعباء الإمامة ومهمّاتها ، فإنّما يفعلون ذلك في دائرة السنن الإلهية الجارية ، وبالطّرق الطبيعيّة ، ولم يكونوا ليفرضوا سلطتهم ، وهيمنتهم ، وحاكميّتهم على الناس بأسلوب إعجازي قاهر. لأن هذا من شأنه أن يضيّع الكثير من الأهداف الإلهية المتوخاة في نطاق مسيرة الإنسان نحو الكمال بصورة طوعيّة ، واختياريّة ، متجاوزاً كلّ ما يعترض طريقه من أشواك وعوائق.
وإذا كان كذلك فإن من الطبيعي أن تعرض لهم عليهمالسلام المحن والرزايا ، والهموم ، والبلايا ، وأن تعترضهم المشكلات والمصائب ، وتعتورهم النوائب والمتاعب ، ثم أن يواجهوا ذلك بما توفّر لديهم من وسائل يمكن أن تساعدهم على تجاوز المحنة ، وتذليل الصعاب ، فينجحون في ذلك ، وقد تحجب الظروف ذلك النجاح.
ومن جهة ثالثة : فإن مجرّد وجود الأئمة عليهمالسلام ، وحاكميّتهم