آخر يمكنه فيه مواصلة الاتصال بالأمة ، والتعامل معها ، ولو من خلال سفرائه ووكلائه الخاصّين والعامّين ، وغير ذلك من وسائل تقع تحت اختياره ـ إن هذه الغيبة ـ تصبح هي الأمر الواقع الذي لابد من قبوله ، والتعامل معه بطريقة ليس فقط تجعل هذه الغيبة لا تؤثر سلباً على مسيرة الصلاح والإصلاح ، وإنما تكون عاملاً لاستمرار هذه المسيرة بقوة أشد ، وفاعلية وحيوية أكثر.
ولولا هذه الغيبة فإن فرص العمل ، والحفاظ على المنجزات التي هي ثمرة جهاد وجهود الأنبياء والمخلصين عبر التاريخ البشري ، لسوف تتقلص وتصل إلى درجة الصفر ، ليس فقط من حيث وضع العراقيل والعوائق في وجه العمل والعاملين. من حيث أن الحكام والمستبدين سيواجهونهم بكل الوسائل المتاحة لهم لتدمير كل شيء ومحاولة القضاء على الأطروحة بأسرها من خلال القضاء على محورها ومصدرها الأول ، وقلبها النابض ، المتجسد في الإمام والرمز.
وأخيراً .. فإن مما يساعد على حفظ الهدف الكبير ، وتحقيق النتائج المتوخاة وله دوره في الحفاظ على الروح والحيوية الفاعلة والمؤثرة ، هو إبلاغ الناس بعلامات الظهور ، حيث لابد أن ترهق المشكلات والمتاعب والمصاعب روح كثير من العاملين ، وتُمْنى بالإحباط عزائمهم وبالخور هِممهم ، وتصاب بالأذى مشاعرهم ، وتذبل شيئاً فشيئاً زهرة أملهم.
فرؤية بعض تلك العلامات يتحقق على صفحة الواقع ستشحذ العزائم ، وتستنهض الهمم ، وتثير المشاعر ، وتكون بمثابة ماء الحياة ، الذي يعيد لتلك الزهرة الذابلة نموها ، ويسبغ عليها رواءها ، ورونقها ، ويزيد في بهجتها.
وهذا ما حصل بالفعل عبر التاريخ .. ودراسة حياة الأمة الإسلامية عبر عصورها المختلفة خير شاهد على ما نقول ..